Skip to main content

يناير 2023

نشر بتاريخ: |

يناير 2023

5
(5)

يبدوا أننا لن نشهد شتاء بسبها هذا العام، فلا زالت الشمس تسقط على رأسك عند الظهيرة بشدتها المعتادة في منتصف أغسطس. إضافة أننا لم نشغل المدفأة حتى الآن بالبيت وبهذا تكاد الطقوس الشتوية تكون مختفية حتى الآن، فجمعت العائلة حول الكانون وعليها إبريق الشاهي وبكرج القهوة لم يحدث بعد. ومرت علينا الليالي البيض الكوالح والطوالح ولم يباغتنا بردها هذا العام، فقد كانت دافئة ومريحة.

اليوم هو 1 يناير وكعادتي قررت أن أبدأ العام بشيء مغاير فاخترت أن أحف حواجبي. مضى أكثر من شهرين على آخر زيارة لي لمروج، وحدها مروج تفهم أبعاد هذه المستطيلات المتناثرة على جبيني وتخطها بكل دقة للتتناسب مع تقاسيم وجهي، لم أغير مروجا منذ أن عرفتها منذ أكثر من ثلاث سنوات مضت ومن حينها لم أسلم حواجبي لغيرها. أحيانا يرى البعض أن هذا التعود على نفس الخطة والوضعية للحواجب تعطي انطباعا بالجمود، لدي صديقة تتعمد تغيير خطة حواجبها كل شهرين بشكل مختلف فهي تخاف الجمود والثبات على وضع واحد. تخبرني بأنها تعشق التغيير.

مبدأ التغيير يكاد يكون مبدأ شعبي وعام، ألاحظ دائما عند انتظار دوري بالمزين أو مصفف الشعر. كما لاحظت عند زيارتي الأخير لمصفف الشعر لقص شعري أن الزبونات يتعمدن إدخال جملة  “نبيك تغيرينني، نبي الناس تشهق متغيرة”. تحمل هذه الجملة جدية كبيرة لدى الزبونات الجالسات بجانبي، فيما أتساءل هل أنا هنا لأتجمل أم لأتغير، لا زلت لم أستطع أن أجزم لماذا أحف حواجبي وأتعمد قص شعري بمجرد أن يتجاوز كتفي بستيمترا واحدا، غير أني قد تعودت على هذه التشكيلة وهذا كل ما أعيه للآن .

خرجت من المزين. ركبت سيارتي وفي مرأة السيارة كنت أنا لم أتغير، غير أن الزبونات بالمحل أكدن على ترديد عبارة “ماشاءالله تغيرتي” بمجرد أن انتهيت من قص شعري، إلى الآن شاردة لم أع لماذا لم أتغير كما يصفنا هن.

في طريق عودتي مررت على مكتب السياحة والسفر وأخيرا قررت حجز تذكرة سفر بعد تردد طويل، فنفسيتي المختنقة بزحمة العمل والخارجة من إرهاق امتحانات عصيبة بعد أن أكملت مقرراتي بالماستر وانهيتهم بمنتصف ديسمبر. أحتاج وقتا مستقطعا لنفسي فقررت السفر إلى البيضاء.

الشتاء بالبيضاء مميت من شدة الصقيع، قررت أن أخوض التجربة للمرة الأولى بحياتي رغم تحذير أخواتي، فالجميع يعرف حبي للصيف وأنني أخاف حرفيا التجمد في درجات الحرارة المنخفضة. أتذكر قبل سنوات حين زرت جبال الألب بألمانيا وقفت بمنتصف الثلج متيبسة، لا من الصقيع بل من كثرة قطع الملابس التي حملتها على جسدي الضعيف، حتى أني لا أتذكر أني استطعت اللعب بالثلج كما كنت أتخيل .

هذا الوقت المنقطع بالبيضاء أحتاجه وكنت أخطط له منذ فترة فقد رتبت قائمة من كتب متنوعة ورقية وعلى الكندل ستكون رفيقتي في سباتي الشتوي. ربما أتحدث عن عزلتي في تدوينه لاحقة. لكن كل ما أود أن أخبركم به الآن أني سأكون في إجازة لثلاثة أسابيع وحدي أنا والكتب وهذا كل ما أحتاجه

ماتقييمك لهذا المنشور !

المشاركة على مواقع التواصل الإجتماعي

تعليقات (5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *