تجمعنا الصدف مع الأشخاص وكذلك مع الكتب والأعمال الأدبية الجميلة التي تأتينا أحيانا وكأنها رسائل تأتي في وقت معين لتحفزنا بطريقة وأخرى. ديوان “الكوارث لا تكفي” للشاعر هود الأماني، كان قد وصلني كهدية في وقت لا زلت أتعافى فيه من مضاعفات كوفيد – 19، بعد إصابة منعتني من حضور حفل التوقيع.
لكن هود الجميل احتفظ لي بنسخة موقعة باسمي تحمل صفة لي لا زلت بعيدة عنها، لا سيما حينما أقرأ هودا وهو يحرك الحروف كقطع شطرنج على الرقعة، وحده يعرف قواعد اللعبة وكيف يطوع اللغة في وصفه.
هنا يبين لنا هود ما من كارثة حميدة، وهو يطوع الشعر ويستعمله كترياق متطور لشعب غارق في القتل والتجهيل وساقطا في منحدر الهاوية، ولسان حالنا يردد هل الكوارث منجاة ياهود !
يسجل هود استجابته هنا بقدرة جميلة في تطويع اللغة بأريحية عبر التكثيف وصنع بها ما يريد بالطريقة المناسبة، يثابر على ترويض الحروف وصقلها قبل صياغتها. فنان، ماهر في اقتناص اللحظة، يصف الحب كقوة لا مكان للابتذال والتسطيح فيه حيث قال
هو الحبّ
أن نحْيا بغير أصابع
وأن تنبت الكفانِ فُلاًّ وزَنْبَقا
في قصيدة “شيء بريء” القصيدة الأقرب لقلبي في الديوان، يواجه القارئ من حياة يشارك فيها، ويخاطب أرواحنا الغارقة في متاهات الحروب، ويتحدانا كقراء في هذه القصيدة على مستويات فكرية وعاطفية بدرجات مختلفة.
اقرؤوا لهود واستمعوا له أن أتيحت لكم الفرصة، هناك مستوى من الذكاء في نصوصه، تشعر به كقارئ عندما تقرأ ديوان الكوارث لا تكفي، تشعر بأنك في يد شخص موثوق وموثوق به، ولكن هناك دائما شعور بأنه يسبقك بخطوة واحدة.