Skip to main content

هل أنا أكبر من أن أختبئ تحت السرير ؟ - سبهاوية

نشر بتاريخ: | , ,

هل أنا أكبر من أن أختبئ تحت السرير ؟

4.7
(16)

تدخل علي سارة مسرعة  للغرفة … تردد بصوت عالي ووتيرة سريعة خبيني خبيني ، سحبت مفرش السرير وأشرت إليها بالإختباء تحته .. اختفت تماما عن عين باقي الأحفاد تكورت هيا هناك في الظلام وبقيت أنا أكمل باقي أعمالي وأراقب حيرة إخوتها وأبناء عمها في البحث عنها. تابعت عملية البحث معهم وانا أبتسم.

 تعيدني هذه لذكريات عندما كنا نختبيء تحت السرير .. فهل كبرت حقا على أن أن أختبئ تحت السرير .. أن أهرب .. أن أطلب من العالم هدنة دون أسباب واضحة.

منذ بداية العام وأنا في حالة هروب ضمنية وهمية لا أعرف كيف أصنفها حقا، هربت من المدونة ، من دفتر يومياتي  من صديقاتي  تواريت عن من أحب وعشت عالقة في عاصفة .. لكن العاصفة حقيقة كانت في ذهني .

بت أوهم نفسي بأني مشغولة وقوائم مهام طويلة، لكني حقيقة كنت عالقة أحاول الإختباء خلف الكمبيوتر، خلف قوائم المهام المتداخلة، خلقت مجلدات متعددة مفتوحة بنفس الوقت تنتظرقرائتها والإنتهاء منها .. خلف رسائل واتساب تنتظرالرد.. وتراني استبدلت كلمة الإختباء بمفردة مشغولة …  يالسخافة الكبار حين ننمق مفرداتنا .. كأنني أحاول أن أعطيها صبغة أكثر نضج وتهديب واستبدلها بهشاشة الطفولة والإختباء.

اعلق في هذه المهام فترات طويلة لا طاقة ولا رغبة في انهائها، اعلق في احلام ضبابية ألهث ساعية للوصول إليها، و أقلق من مستقبل أخاف القفز إليه وأختبيء .. وأجيب على الجميع  أعتذر مشغولة .

فهل أنا في حالة اختباء أو هروب أو خوف .. أو حقا لازالت بداخلي الطفلة التي تنهمر دموعها على أتفه الأسباب وتنفجر بتعبيرات تفاعلية حمقاء، ربما .. تخشى محاولة كشفها وكأن بشرى الطفلة تعلق معي بنفس العاصفة لم تغادرني ولم تتماهى معي، تلك التي لا زالت تسأل كيف لها أن تختبيء دون سبب، كيف تهرب، كيف تكون عمود الإكسل الفعال لكنه غير مرئي للكل .

تكشف سارة عن نفسها..  تفتح يديها تخرج من الظلمة فرحة تقفز تضحك تردد غلبتكم …. رغم وحشة المكان وظلمته .. استشعرت سارة الأمان تحت السرير .. كنا كذلك حقا نستشعر هذا الأمان بالظلمة رغم قسوتها ولا نخشى الوحش المتربع بالظلمة ، نبقى هناك محافظيين على هدوئنا نتكور او نتمدد  ونمسك أنفاسنا … حتى نخرج بعدها كاشفيين أيدينا للعالم بعد اختباءة بسيطة فصلتنا عن من حولنا فارديين أيدينا للكل ، تماما كما فعلت سارة .

اليوم .. الوحش كبر وبات الوحش يخيفني ، يحاوطني اخافه واحاول تجاهله، نخاف الوحش الساكن بأحلامنا المتطايرة الضائعة، بالقرارات التي أجبرنا على إتخادها تحت ضغوطات عائلية او مجتمعية، بخططنا العالقة بالمنتصف. بالابتسامات المزيفة التي نتبادلها مع الجميع ونختبيء وراءها .. وهذا الوحش الساكن في كل الأشياء من حولي لا يخيفني وقط، بل ينهكني بصمت، لأن الظلام القابع به امتد وتملكني وسكن بدوره هو أشيائي.

صرت أتقن فن الركض داخل العاصفة ، أركض بكعب عالي بلا توقف، كي لا أمنح الألم فكرة اللحاق بنا .

لكن السؤال يبقى ؟

هل بعد هذا العمر يليق بي أن أختبئ تحت السرير أن ارتبك ، أن أختفي ، أن أدرك أنني خائفة ، لماذا لا يسمح لنا نحن الراشدين أن نختبيئ أن ننهار قليلا أن نبتعد عن الضوء لماذا لا يسمح لنا بهذه الهدنة البسيطة.!!

في فترة ماضية مرهقة جدا .. أخبرت صديقة لي أنني عند الفجر اليوم تكورت على نفسي بالمكتب وبكيت ، بكيت حتى تورمت عيناي وحين هدأت مسحت دموعي بحاشية كمي وأشغلت موسيقى الجاز المفضلة وجلست على كرسي المكتب أواجه الوحش ، ضحكت وقالت لي : هل انتصرت عليه أم غلبك

لا لم أتغلب على الوحش، لأني لا زلت أتهرب من مواجهته وأخافه .. لكني أقف أمامه تماما كما فعلت سارة  حين خرجت من مخبأها تحت السرير ، اواجه العالم بيدان مفتوحتان وابتسامة مثالية تماما في وقت لا أحد قادر على سماع صرير أسناني وارتباكاتهم .

فهل كبرت على ان أختبئ تحت السرير

ربما

لكني لم اكبر على أني أحتاج مكان أمن، وان لم يكن تحت السرير .. ربما في مكان أخر .. ربما هنا وانا امسك بقلمي  وأسرد لكم رغبتي في الإختباء، ربما بزياراتي المتكررة لذاك العجوز المتكأ على باب الحياة وممسك بعكازه يهش به الوحوش عني بحكاياته، أو ربما حقا في ضحكة الأحفاد و صخبهم وهم غير واعيين او مدركيين بأنهم بكل يوم ينقذوني من الوحش دون أن يدركوا.

Paint by rose-a-petits-pois during her participation in the Art Block for Ghana project, from which all funds helped build a school/house for orphaned children in Ghana, West Africa, in 2010.

ماتقييمك لهذا المنشور !

المشاركة على مواقع التواصل الإجتماعي

تعليقات (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *