Skip to main content

فلات وايت

نشر بتاريخ: |

فلات وايت

4.4
(7)

المرة الأولى الذي دخلت بها مقهى بألمانيا بمدينة هايدلبيرج كنت بعمر 26، لا أتذكر اسمه ولكن أتذكر موقعه مقابل محطة الحافلات 24B على بعد ما يقارب ربع ساعة مشي من محل إقامتي. دخلتها للمرة الأولى أثناء جولة لي بالمدينة لوحدي، وكان التردد والحيرة واضحا على تقاسيم وجهي وتصرفاتي المليئة بالتردد لم أكن أعلم تحديدا كيف أطلب، ماذا أطلب، أين أجلس، هل سيختار النادل لي مكان، هل أذهب وأطلب، أم أجلس وسيأتيني النادل، أسئلة كلها حيرة وارتباك للحظة ملأت رأسي بمجرد دخولي. أتذكر أني جلست على الطاولة ومن ثم انتبهت لزبونة أخرى تتجه لطاولة الاستقبال بالمقهى لتحدد طلبها. وضعت شنطتي وتوجهت أنا أيضا غير مدركة ماذا سأطلب كيف سأطلب، وقفت انتظر دوري .

هذا التردد وانعدام الثقة شعور لازل يحاوطني في كل مرة أجد نفسي في مجمع ناس في ايفنت عمل بمكان يطلب مني التواصل والتشبيك، لا زلت مترددة في فتح الحوارات أو الاستمرار بها ومشاعر الخوف وعدم الثقة تبدو واضحة على لغة جسدي. لازلت أتردد في طرح فكرتي والدفاع عنها باجتماعات العمل، تماما كما كنت أخجل في الإجابة رغم معرفتي بالإجابة أثناء المراحل الدراسية. دائما ما أجد نفسي أكثر جرأة وشجاعة عندما أعتاد الناس كما الحال في مكان عملي الحالي. أنا أكثر تميزا وإبداعا عندما أشتغل ضمن فريق غالبا ما أكون خلف الأضواء لكني أرتاح بالعمل هكذا. هذا التردد هو تماما نفس الشعور التي كان يعتريني وأنا أقف لا أعرف نوعا من القهوة سوى الكابتشينو.

لكن زبونة أخرى رددت للنادل فلات وايت كما كل يوم. تماسكت قليلا وتعجبت من نفسي كيف طلبت فلات وايت لي أيضا لو سمحت. ما هي الجرأة التي اعترتني في تلك اللحظة وأنا أطلب قهوة لا أعرفها ولم أسمع باسمها من قبل غير أني أريد في تلك اللحظة أنا أخفي ترددي حتى لو كان الطلب علقما كنت سأختاره.

جلست على طاولتي وأخرجت رواية adultery لباولو كويلو من شنطتي واستسلمت للقراءة، الهواية الوحيدة التي أمارسها دون تردد وبثقة انغمست في القراءة مباشرة. فلات وايت كانت بطعم ممتاز ونكهة القهوة جدا جميلة حمدت ربي أني تعرفت عليها ولا أخفيكم سرا منذ ذلك اليوم وفلات وايت هيا قهوتي المفضلة في كل مرة أجلس في أي مقهى.

ترددت على ذلك المقهى كثير طوال فترة وجودي بالمدينة وأكملت رواية adultery بها. الرواية التي استعارتها مني ابنة الجيران عند عودتي لسبها ومن يومها لم تعدها لي. طلبتها منها مرة واستحييت أن أكرر الطلبة مرة أخرى ولم تعدها لي ليومنا هذا. هذا اللإستحياء من الطلب والدفاع عن الحق أفقدني كتبا كثيرة من مكتبتي وفرص عمل وترقيات أيضا تحصل عليها أخرون في ظل سكوتي وترددي وانعدام ثقتي.

وظلت الربكة هذه ليومنا هذا تصيبني وأبدوا كالبلهاء أبالغ في حذري كثير، أتلفت محاولة أن أختار لنفسي مقعدا مرددة فلات وايت للنادل

ماتقييمك لهذا المنشور !

المشاركة على مواقع التواصل الإجتماعي

تعليقات (2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *